السمكة الذهبية غوشيو... ملحمة من ألف مغامرة ومغامرة
ياروسلاف كابلانس
قصة وعبرة عن ريادة الأعمال
يا ربِّ هل يُرْضيكَ هذا الظَّمأ والماءُ يَنْسابُ أمامي زُلال

رباعيّات الخيّام
تخيّل يا عزيزي القارئ حوض سمك مهول الحجم، تسبح فيه سمكة ذهبيّة ساحرة وحسناء أيّما حسن، تُدعى "غوشيو."
فلنتخيَّل
وإذ تخوض عباب هذا الحوض العجيب المترامي الأطراف، تنطلق غوشيو حرّة في أي اتجاه شاءت، فهي سيّدة توجهاتها وحركاتها وسكناتها ومالكة سرعتها وغور أسفارها. وهكذا، يمكننا أن نعتبر سمكتنا الذهبية ملكة حقيقية على مملكتها الخاصّة. فهي في نهاية المطاف سيدة قراراتها والمسؤولة عن حياتها. هي من يتحكّم بدرجة الحرارة داخل الحوض المائي، وهي تقرّر ما تستطيبه من غداء وعشاء وتختار الخلّان والعدوان، حتّى أنّها تحدّد مستوى الأكسجين في موطنها، والأعشاب أو الطحالب التي ترغب في زرعها في أرضيّة الحوض، وغيرها ممّا تستسيغه.
سمكة ذهبية تتمتع بالاستقلالية ؟
داخل الحوض المائي، كل شيء يخضع لسيطرة سمكتنا الذهبية (أو على الأقل هذا ما تظنه):
- الحرارة
- الغذاء
- مستوى الأكسجين
- سلوك الأسماك الأخرى في الحوض المائي
في كل أرجاء الحوض المائي تتمتع السمكة الذهبية بالاستقلالية
ولكن، ثمّة مشكلة واحدة "تافهة" في حياة غوشيو.
مشكلة واحدة "بسيطة"
ليس إلا!
فقد تبيّن أنّ الحوض المائي الذي تعيش فيه بصولاتها وجولاتها يتحرك وفق نمطه الخاص، حركة تكاد لا تدركها السمكة الذهبية ولا تفهمها.
الحوض المائي يتحرك وفق نمطه الخاص به
ولكن هذا ليس بمفاجأة. فعلى الرغم من عنوان القصة الأسطوريّ، إلا أنّ الحوض المائي الرائع ليس خرافيًّا بالمطلق، وهذه السمكة الذهبية الرائعة ليست تمامًا من نسج الخيال... كلا، فهذا الحوض موجود على خط الطول المحدد "ط"، وعلى خط العرض الرائج "م" في البلد "د" (أو ربما في "بلد" الأنواء الساحرة والسائحة) على كوكب الأرض، وهو ثالث أقرب كوكب إلى الشمس في مجرة اسمها غريبٌ عجيبٌ ألا وهو درب التبّانة.
الحوض المائي موجود في العالم الحقيقي
يدور كوكبنا حول الشمس وحول نفسه، وكلّ شيء على الأرض يلتف ويدور معه في دوران دونه الهذيان. يشمل هذا الدوران لا محالة الحوض المائي هذا (أو قل حوض غوشيو). ينتج عن هذا الدوران ظواهر طبيعية يشهدها الناس في حياتهم اليومية، مثل مراحل شروق الشمس وأفولها، وتواتر الليل والنهار، ورقصات المدّ والجزر، ودوامة تتالي الفصول وتواليها دونما هوادة، كما أنشد عُمَر الخيّام: فكم تَوالى الليلُ بعد النهار وطال بالأنجم هذا المدار لكن عينَي غوشيو لا تريان من شروق الشمس سوى شروق شمسٍ، ولا تفقهان من غروبها سوى غروب شمس آفلة. لكن مهلاً، تسأل غوشيو، ما علاقة دوران الكوكب بكلّ هذا ؟
حتّى أنت، يا عزيزي القارئ، فيما تتمعّن بهذه السطور في هذه اللحظة بالذات، أنت تتحرّك باستمرار نتيجة حركة كوكبنا.
غير أنّ سمكتنا الذهبية لا تعير اهتمامًا كبيرًا لما يحدث في "العالم الآخر" أي خارج حوضها، لأنّها منغمسة تمامًا (بكلّ ما للكلمة من معنى) في ما يحدث في الداخل. واسمحوا لي أن أؤكّد لكم أنّ عالم الحوض المائي هذا زاخر بالأحداث. ولا تجد السمكة الذهبية أيّ سبب أو مسوّغ للفكرة "الضبابيّة" التي تقول بأنّ العالم ما وراء الحوض المائي يستحقّ أيضًا أن تعيره اهتمامها. غير أنّ هذه النظرة التي تتمسك بها غوشيو في رؤيتها للعالم غالبًا ما تنقلب عليها كما ينقلب السحر على الساحر، لأنّ البيئة يمكن أن تؤثّر على مصير بطلتنا أشدّ تأثير.
الحوض المائي
الشقة / المنزل
المدينة / البلد
الكوكب
المجرّة
أنت أيضًا تتحرك باستمرار
(حتى وإن كنت عنه غافلاً)
دعني أعطيك مثالاً حول هذه النقطة: لنفترض أنّ درجة الحرارة في الخارج انخفضت فجأة. هذا يعني أنّ المياه الدافئة في الحوض المائي ستبرد بسرعة بل ستتجمّد، حالها حال السمكة الذهبية غوشيو. حذارِ، قد يحدث هذا حتّى لو لم تكن السمكة الذهبية تعلم شيئًا عن درجة الحرارة في الخارج.
التغيّرات الخارجية تؤثر على الحوض المائي
توضيحًا لذلك، أقصد بلفظة "البيئة" ههنا العالم الموجود خارج الحوض المائي المألوف، في العالم "ما وراء الحوض المائي" مقابل العالم المحيط مباشرة بالسمكة الذهبية (داخل الحوض المائي).
قد تسأل، عزيزي القارئ، ولك الحقّ في ذلك، كيف انتهى المطاف بحوض غوشيو في مكان مغمور مطمور داخل مملكة بحرية تستوطنها مخلوقات البحر والجن ؟ حسنًا، ربما هبت ريح عاصفة فخطفتها من دفء منزلها وراحة مسكنها.
حسنًا... لما كانت سمكتنا الذهبيّة لا تدرك ماذا يحدث في العالم الخارجي، فهي أيضًا تجهل حركة الحوض المائي حيث تعيش، الحوض الذي يتحرك في "فضاء" آخر. في الحقيقة، ربّما لديها فكرة لاشعوريّة ضامرة مفادها أنّ "ثمّة شيء ما هناك." ومع ذلك، فإنّ حركة الحوض المائي التي لا يمكن التنبّؤ بها أحيانًا، وقد تكون غدّارة، هي سبب المشاكل الصغيرة والكبيرة التي تواجه سمكتنا الذهبيّة الصغيرة العزيزة.
الطقس الآن بارد
الطقس الآن حار
حصل شيء آخر
100كلم/ساعة
10كلم/ساعة
الشمال
الجنوب
فلنقلْ إنّ سمكتنا الذهبيّة قررت أنّ الوقت قد حان لكي تتمتّع بالحياة وتبتعد قليلًا عن شؤونها وشجونها، الضرورية منها والحيوية، لتبحر في عطلة قاصدةً مياه الجنوب الدافئة والممتعة. فعزمت أمرها وشدّت رحالها سابحةً جنوبًا بسرعة 10 كم/ساعة تقريبًا. ويحَها ساعة شؤم ونذير بؤس! وويل لسمكتنا البطلة التي فاتها أنّ الحوض نفسه راح يتحرّك شمالًا بسرعة 100 كم/ساعة، مدفوعًا بقوّة تجهلها "الرحّالة" المسافرة.
الكويكب المحيط
الكوكب الفسيح
(الأرض المجهولة)
خريطة عالم غوشيو
تغيير مفاجئ
أين أنا؟!
ما سبب هذا التغيير؟
قبل
الآن
(فجأة)
أو لعلّها كانت هناك منذ البدء. في النهاية، هي مجرّد أسطورة، وغوشيو في الحقيقة سمكة ذهبيّة سحريّة. لذلك، دعونا نتّفق ببساطة على ترك هذه الظاهرة وشأنها في الوقت الحالي، لا نسبر أغوارها ولا نفكّ أسرارها، ولنمضِ قدمًا في سرد قصّتنا.
ها هي تسبح بجدٍّ وكدٍّ قاصدة ملاقاة تيارات الجنوب الدافئة الهانئة المداعِبة، تستنظر الاستحمام بالأمواج اللطيفة الغامرة، واستنشاق جمال البحر وسكونه اللذين يفوقان كلّ وصف... وإذ بها تجد نفسها محاطة من كلّ حدب وصوب بالعواصف والأعاصير والأمطار الباردة، ولسان حالها راثيًا كابن جُبَير الذي وصف غضب البحر عليه: "فيا لها ليلة يشيب لها سود الذوائب، مذكورة في ليالي الشوائب، مقدَّمة في تعداد الحوادث والنوائب!" وراحت غوشيو تصارع العناصر التي لا تعرف الهوادة ردحًا من الزمن خلتُه دهرًا، وتتقاذفها في قبضتها كالريشة في مهب الريح، لتفشل في الوصول إلى وجهتها وتحقيق منية نفسها الدفينة المقدّسة ألا وهي الاستمتاع بأمواج بحار الجنوب الهادئة الهانئة والمريحة التي كانت تستحقّ بلوغها عن كل جدارة.
إن تفسير هذا التشبيه هو كالتالي: الحوض المائي هو عبارة عن عالم الأعمال التجارية الذي يعيش ويعمل فيه رائد الأعمال (السمكة الذهبيّة). وهو موطنه الطبيعي، والريف المرجاني "الطبيعي" الذي يحدّ "حريّة السباحة." هو الحدود التي يدركها رائد الأعمال جيّدًا في مستهلّ حياته المهنيّة.
أين أنا؟!
لم يُساوِرْكَ ولو للحظة شكّ إن كنت تعيش في الماء أم لا. ولطالما تساءلتَ: هل من داعٍ لدراسة أي شيء آخر الماء؟ فكل ما حواليك هو "ماء ينساب أمامك زلال" ولا شيء سواه. يبقى ذلك صحيحًا، حتّى يحين الوقت الذي ينقضّ فيه النورس على سمكتنا الذهبية ويقتنصها من بين الأمواج. وما هي إلّا طرفة عين حتّى تدرك غوشيو الحقيقة المذهلة والمرّة في آنٍ معًا وهي أنّ الماء ليس الشيء الوحيد في العالم.
واأسفاه... هل لك أن تتصوّر هول سمكتنا الذهبيّة المستقلّة وصاحبة الفكر العملي ؟
الحوض المائي
المصنع
كل شيء واضح ومألوف
أين أنا؟
وإذا صادف أنّك أنت إحدى هذه السمكات الصغيرة، فإنّك عشت وتنفّست في الماء طوال حياتك، كلّ ما عرفته أو رأيته قط هو الماء، منذ أول نفس داعب خياشيمك، لا شيء حواليك سوى الماء والماء والمزيد من الماء. وما تحدّث أبوك وأمّك سوى عن الماء في لهجة أهل الحوض المائي الصافية. عمّاتك وأعمامك، إخوتك وأخواتك، وحتّى أنسباؤك البعيدون كانوا ولا يزالون يعيشون بسعادة أبديّة في الماء وسيستمرّون كذلك إلى ما شاء الله. ألم يَقُلْ عمر الخيّام صاحبنا:
إن تُفْصَل القَطرةُ من بَحْرِها ففي مَداهُ مُنْتَهى .أَمرِها
فكّر بما يلي: إذا عملتَ في مجال التصنيع طوال حياتك المهنيّة، فإنّ التصنيع هو "الماء" بالنسبة إليك. كلّ ما تعرفه هو التصنيع ولا شيء سوى التصنيع. فوالدك ووالد والدك كانا يعملان في مجال التصنيع، والتصنيع هو ما درستَه في الكليّة، وأوّل تدريب لك كان في معمل لتصنيع السلع. على مدار ثلاثين عامًا، كلّ ما عرفتَه أو عملتَ به هو الناقل والتصنيع. وهكذا تفترض أنّ كلّ ما يحيط بك لا علاقة له بشيء سوى بالتصنيع.
فسمكتنا الذهبيّة العزيزة لا تتّصل بالعالم الخارجي سوى قليلًا لدرجة أنّها تكاد لا تفقه عنه سوى النزر اليسير. ووجودها ككائن مكتَفٍ بذاته و"قائم بذاته" ومستقلّ (كما تخالُه) عن عالم "ما وراء الحوض المائي" هو وجود لا بأس به على ما يبدو. لطالما كانت فكرة أنّ حوض الأسماك يتمتّع ربما بحركة خاصّة غير خاضعة لرغباتها صعبة التصديق ومصدر عجب لعقلها البراغماتي البحت.
تعرف غوشيو حقّ المعرفة أنّها داخل الحوض المائي الخاصّ بها ملكة حقيقيّة تفعل كلّ ما يحلو لها (حسنًا، تقريبًا كلّ شيء). ومع ذلك، فإنّ فكرة وجود شيء آخر في تلك المسافة البعيدة والسريالية وراء جدران الحوض المائي قد خطرت لها مرّة أو مرّتين (أو ثلاث مرات في أفضل الأحوال)، وحتّى حين خطرت ببالها هذه الفكرة، إنّما كانت مجرّد أضغاث أحلام ضبابيّة.
يقول جاك ويلش، وهو الرئيس التنفيذي الأسطوري لشركة جنرال إلكتريك: "إذا تجاوز معدّل التغيير من الخارج معدّل التغيير من الداخل، فإنّ النهاية ستكون قريبة."
ثم تدركها المنايا.
اليوم التالي
يومًا ما
بالنسبة لـصغيرتنا غوشيو، الحياة مستمرّة بكلّ بساطة. في يوم ما تكون التيّارات في الحوض المائي هادئة وساكنة لا موج فيها كمرآة كبيرة مستوية السطح وواضحة وضوح الشمس، وفجأة في اليوم التالي يتغيّر كلّ شيء كما لو أنّ إعصارًا هبَّ وقلب الدنيا رأسًا على عقب. فتأتي الرياح العاتية من العدم وتعصف بالمياه لتعكّر صفوها فتعبق باللون الأخضر الغامق، أو تستحيل مياهً زرقاء داكنة مشؤومة، أو تنصبغ بسواد مدلهمّ مذهل. فتختفي الأسماك الأخرى والأصداف البحريّة والرمال عن الأنظار في طرفة عين، ولا يبقى شيء سوى الأمواج الهائجة المائجة التي تبتلع كلّ شيء في طريقها.
حوضك المائي هو أعمالك التجارية
العائلة
التربية
الفترة التدريبية
الحياة المهنية
إدارة الأعمال التجارية
دائرة تأثير المرء وكفاءته واهتماماته
الدائرة خارج نطاق سيطرة المرء
اتصال السمكة الذهبية (ليس الحوض المائي) بالعالم الخارجي
هش وغير مستقر
منطقة المجهول
نتيجة مأساوية
جاك ويلش
الرئيس التنفيذي لشركة جنرال إلكتريك
إذا تجاوز معدّل التغيير من الخارج معدّل التغيير من الداخل، فإنّ النهاية ستكون قريبة
أحيانًا، تجد غوشيو الحياة داخل الحوض المائي صعبة جدّا ولكن ما عساها أن تفعل في أوقات مماثلة؟ حسنًا، جلّ ما يمكنها القيام به هو الاعتقاد بكلّ ما أوتيت به من يقين أنّ كل شيء سيكون على ما يرام في هذا العالم الأصلح والأصحّ.
هنا تستذكر غوشيو ما اكتسبته من حكمة في هذه الحياة وتسلّم أمرها للقدر، ولسان حالها يقول "إذا نزل القضا ضاق الفضا." فهي في الواقع تعتقد أنّ هذه هي "حال الدنيا" وأنّ الأمور تسري على هذا المنوال وفقًا لقوانين الطبيعة وشكوك غوشيو لا حدّ لها ولا منتهى، تساورها دائمًا مخاوف حول المستقبل، ويتآكلها الندم على "السنوات العقيمة التي ضاعت منها سدى" فيما تجترّ مآثرها السالفة مرارًا وتكرارًا...
وفي أغلب الأحيان، يتغلغل الشكّ في ذهن سمكتنا الذهبيّة العزيزة فتظنّ أنّ جنّيًّا فاسدًا مارقًا يحشر نفسه بينها وبين البحر الأزرق العميق البعيد، فيعرقل ويشعوذ ويتدخّل.
وهذه، يا أصدقائي الأعزّاء، هي المشكلة الحقيقيّة التي تواجه سمكتنا الذهبيّة، فهي لا تعرف شيئًا تقريبًا عن التغييرات التي تحصل في الخارج... ولا يمكنها أن تلاحظها أو تدركها... حتّى الآن.
كان يا ما كان في قديم الزمان، كنتُ أنا أيضًا سمكة ذهبيّة مثل غوشيو... ولكن عندما اكتشفتُ أنّ الحوض المائي الخاص بي يتحرّك بدون علمي أو إذن منّي، أصبحت مهتمًّا أكثر فأكثر بهذا السؤال: مَنْ (وأيضًا لماذا؟ وكيف؟ وأين؟) ذا الذي يحرّك الأحواض المائية الخاصّة بنا مع ما فيها من أسماك ذهبيّة (رواد أعمال) لطيفة أيّما لطافة ؟
الحوض المائي يتحرك
أهكذا هي الحياة ؟
ما الذي يؤثر بنا ؟
لكن جلّ ما أخشاه هو أنّ هذا لن يساعد سمكتنا الذهبيّة الشجاعة والسحريّة أي مساعدة تُذكر. فعلاوة على الجهود الشجاعة التي ستبذلها، سيتعيّن عليها أيضًا أن تختار الطريقة الصحيحة لبذل تلك الجهود. على سبيل المثال، لو كانت غوشيو تعلم أنّ الحوض المائي الخاص بها كان، في الواقع، يتحرّك شمالًا، وأنّها بدورها كانت تتّجه مباشرة إلى القطب الشمالي، لأمكنها اتخاذ الخطوات اللازمة لعزل حوضها وإيجاد مكان لشراء معطف فرو مريح ودافئ (وأنيق جدًّا) بدلًا من ملابس السباحة الفاخرة التي اشترتها مؤخّرًا، ذلك أنّ ملابس السباحة الرائجة لا تساعد كثيرًا في المياه القطبيّة...
وعندما يقذف تيّار غامض أخيرًا سمكتنا الذهبيّة البريئة إلى القطب الشمالي (إذا نجحت بالإفلات من النورس، فهي في نهاية المطاف سحريّة نوعًا ما)، تصرّ غوشيو على متابعة السعي وراء رغبتها النبيلة في الوصول إلى تلك البحار الدافئة والمؤنسة. لكن قبل أن تتجمّد وتنفق في مياه القطب الشمالي المتجلّدة والمنيعة، وفيما ترتجف من شدّة البرد القارس، تستجمع السمكة الذهبيّة قواها العقليّة الشبه متجمّدة، وإذ ببطلتنا الشجاعة تستخلص أنّها بكل بساطة بحاجة إلى زيادة سرعتها نحو الجنوب من 10 إلى 11 كم/ساعة أو حتّى 12 كم/ساعة، لا عليكم. في نظر سمكتنا الذهبيّة صاحبة التفكير العملي، هذا الأمر في النهاية منطقي جدًّا. وما على السمكة سوى بذل المزيد من الجهد لحلّ المشاكل وبلوغ النتيجة المرجوّة، أليس كذلك ؟
والغريب أنّه متى هبّت عاصفة في البحر، تتساءل غوشيو من صميمها عمّا يحدث لها ولمَ مصيرها أن تعيش تقلّبات الدهر في حوضها. لكنها تتمالك نفسها، مستأنسة برحلات السندباد السبع ومتسلّحة بقناعتها أن الريح التي تتقاذفها بلا هدف أو وجهة هي السبيل الوحيد لإدراك الثروات العظيمة. ففهي نهاية المطاف، أليس صحيحًا أن السندباد، الرحالة البحري العظيم من العصر القديم، حارب كل البحار وما فيها من رياح عبر رحلاته السبع في هذا السعي نحو الاغتناء ؟
في كلّ مرّة يواجه فيها رواد الأعمال من حولي عاصفة جديدة، كأن يخسروا حصصًا في السوق أو تنخفض مبيعاتهم أو تزيد المنافسة ويتراجع انتماء موظّفيهم وما إلى ذلك، يقدّمون حلًّا من مكان "داخل الحوض المائي." وهم يجهلون أن مياه أحواضهم، هذه المياه العزيزة عليهم، ليست هي بأمسّ الحاجة إلى اهتمامهم وفهمهم بقدر العناصر الكامنة وراء التيّارات المألوفة والمعروفة، في "أراضي السوق" التي لا حدود لها في العالم الخارجي.
ولكن بحالتها هذه، فإنّه محكوم عليها بالبقاء أبدًا في هذا العالم الذي تحكمه التيّارات الغدّارة... والتجمّد عاجلًا أم آجلًا في هذه المياه القاسية القارسة العدائيّة. ولكن ما رأيك في هذا كلّه، يا عزيزي القارئ؟
المبيعات
المنافسة
التحفيز
تحريك الأمور في الداخل لا يجدي نفعًا
يجب أن أسبح أسرع !
يجب أن أثابر وأستمر !
الحرارة 30- درجة فهرنهايت
?
إنّ فهم الموقف يسهّل التخطيط
?
في حين مرت 500 سنة منذ اللحظة التي صاغ فيها دافنشي المبدأ أعلاه، بوسعنا أن نكرر بكل ثقة نصيحته لا للفنانين وحسب، بل أيضًا لجميع روّاد الأعمال المعاصرين. لقد انقضت ست سنوات وأنا أجري أبحاثًا مكثفةً في الأسباب الكامنة وراء ارتفاع "معدل الوفيات التجارية" في عالم رواد الأعمال، وقد صادفني سؤال مدهش وحيوي للغاية في فلسفة ريادة الأعمال: ما هي أفضل وجهة نظر يمكن من خلالها رؤية مجال نشاط المرء، وجهة نظر من شأنها أن تساعد رواد الأعمال في العثور على فرص جديدة لأنفسهم وعملائهم المستقبليين ؟
وجهة النظر هي الدليل والبوابة؛ وبدون ذلك لا يمكن القيام بأي شيء جيدًا...
ليوناردو دافنشي (1452-1519)
الجزء الثاني: الكلمة الانتقالية (الممر إلى معرض الصُّوَر)
عزيزي القارئ، إذا كنت ترغب في الانضمام إلى غوشيو من جديد بأسرع وقت ممكن فلك الخيار في ترك هذه الكلمة الانتقالية والانتقال مباشرة إلى الجزء الثالث، أي معرض صُوَر عوالم ريادة الأعمال. ولكن إذا كنت مهتمًا بمعرفة سبب كونه "معرض صُوَر" وإذا كنت ترغب في إلقاء نظرة على تاريخ هذه القصة، فصبّر نفسك وابقَ معي صفحة أو اثنتين، أو ربما ثلاث. من يدري ؟ لربما وجدتَ ذلك شيّقًا. وها إنّ غوشيو ستظلّ سابحةً جنبنا - لَعَمري - في المياه الباردة أو الدافئة أو الفاترة...
ليوناردو دافنشي
نشاطات ريادة الأعمال
وجهة النظر هي الدليل والبوابة؛
وبدون ذلك لا يمكن القيام بأي شيء جيدًا...

ما أفضل وجهة نظر لرؤية الفرص ؟
فنان لامع
(1452-1519)
وهنا أود أن أرسم بضعة أوجه تشابه بين هذين العالمين – الفن وريادة الأعمال – لما يجمعهما من قواسم مشتركة متعددة. في كل من ريادة الأعمال والفن، تحدد وجهة النظر المختارة نموذج التفكير الخاص بالمرء، بخاصة عندما يتعلق الأمر بالأشياء التي تؤثر على قناعات المرء ورؤيته للعالم وحتى حالة وجوده.
وفي الحقيقة، قد وصف بيكاسو في أوائل القرن العشرين نهجه في الفن على هذا النحو:
"أرسم الأشياء كما أفكرها، وليس كما أراها."
في الفن، ثمة فرق بين الواقع والعمل الفني الذي يصوِّر هذا الواقع. ثم يبرز هذا الاختلاف أكثر من خلال طريقة رؤية الفنان للعالم من حوله. منذ عصر النهضة، سعى الرسامون الأوروبيون إلى خلق وهم الفضاء الثلاثي الأبعاد في رسوماتهم ولوحاتهم. أرادوا أن يرى الناظر اللوحة كما لو كان يراقبها من موقع معين، على سبيل المثال، كمن ينظر من خلال نافذة إلى داخل مكان ما أو ربما ينظر خارجًا إلى شجرة ما أو مخلوق ما أو أشخاص أو مشهد ما. ومع ذلك، عند حلول بدايات القرن العشرين، وما جلبته معها من تطورات في فيزياء الكمّ وفي نظرية النسبية، ولدت حركات جديدة في الفنون البصرية – حركات تتنصل من عقيدة أحادية وجهة النظر الصحيحة. ربما يا عزيزي القارئ لقد خمَّنتَ بالفعل ما أنا على وشك أن أسمّي، إنه الفن التكعيبي. على الرغم من أنك قد لا تعرف دقائق الحركة التكعيبيّة، إلا أنك ربما سمعت عن روادها من أمثال بابلو بيكاسو وجورج براك وجون ميتزنجر. السمة الرئيسية المميزة للتكعيب هي الطلاق مع التقاليد الكلاسيكية للرسم من حيث اعترافه بأهمية وجهات النظر المتعددة وبالتالي تجسيد الإحساس بمراقبة "الشيء بأكمله" بشكل متزامن.
المنظور الذي يختاره المراقب ظاهرة فريدة من حيث أنه يشمل كل الزمان والمكان اللذان يخصان للمراقب. ومن المفارقة أن كلمة "منظور" مشتقّة من لفظة "نظر" وتعني تأمُّل الشيء بالعين والتطلع بوضوح والرؤية. في عالم الفن، على عكس عالم ريادة الأعمال، لا تُعتبر مسألة المنظور شيئًا جديدًا أو مُبتَكرًا.
النجاح
يتوقف على المنظور

المنظور
إنها كلمة تصف وجهة النظر المختارة، كما أنها أيضًا وسيلة لوصف الأشياء على مسطّح ثنائي الأبعاد ولكن مع إضفاء انطباع بالمسافة والعمق والحجم بشكل عام
مشتقّة من لفظة "نظر" وتعني تأمُّل الشيء
فنان
رائد أعمال
الناس
الشيء المراقَب
رؤية
(منظور)
في الواقع وفي الرسم
(يرسم ذلك الواقع)
الكلاسيكية
التكعيبية
مراقبة "الشيء بأكمله"
بابلو بيكاسو
فنان لامع
(1887-1973)
أرسم الأشياء كما أفكرها، وليس كما أراها
عمل فني
منتَج
كان مصدري الرئيسي للإلهام الفني هو بابلو بيكاسو. في الواقع، إنَّ لوحته المسماة Les Demoiselles d'Avignon (شابات أفينيون)، هي التي ألهمتني لكتابة هذه القصة. قبل أكثر من مائة عام، قال بيكاسو هذه الكلمات: "برأيي، البحث لا يعني شيئًا في الرسم. العثور هو المهم."
قال ألبرت أينشتاين: "الخيال أكثر أهمية من المعرفة. فالمعرفة محدودة، في حين أن الخيال يحتضن العالم بأسره ويحفّز التقدم ويولّد التطور."
ثمة مبدأ حاسم يتعلق بالإبداع: ليس الإبداع محصورًا بحدود الخبرة البشرية المعروفة أو بالخوارزميات الراسخة بشكل عام. إنه لا يستند إلى المنطق ولا إلى الرياضيات، بل هو موجود، بادئ ذي بدء، في عالم الخيال – مصدر إلهام كل الفنون. الإبداع هو "الجسر" الذي يربط بين الفن وريادة الأعمال.
فراح يصوّر فنانو التكعيبية الأشياء بالطريقة التي تصوروها بها – أي بمجملها، ومن جميع الجوانب دفعة واحدة. لم يعودوا ببساطة يرسمون صحنًا من الفاكهة (أو مزهرية لنبتة عبّاد الشمس) كما يرونها بأعينهم. بدلاً من ذلك، صوروا الشيء من كل جوانبه في الوقت عينه. كان هذا التمثيل المتزامِن لمختلف أوجه الواقع، الذي يصوِّر الأشياء من وجهات نظر مختلفة، نهجًا طليعيًّا في الفن. عند التأمل بهذا المنحى الفني، رأيتُ فرصة كبيرة لمقارنة نظرة الفنان التكعيبي للعالم مع نظرة رائد الأعمال له. يمكنني أن أقول وبثقة أن الحركة التي أشعلها الفنان التكعيبي باعتماد منظور ثوري لتصوير منظورات ووجهات نظر متعددة هو الذي ألهمني للبحث عن وجهات نظر جديدة في مجال نشاطي الخاص، أي ريادة الأعمال. إلا أن المغزى الرئيسي لهذا القياس التكعيبي يكمن أيضًا في فكرة أخرى. إذ وجدتُ في تقنيتهم فرصة لا تصدَّق لتحويل كمٍّ لامتناهٍ من "الأفكار المعلّبة" في التفكّر الريادي إلى وجهات نظر ومنظورات جديدة. ثم تولِّد وجهات النظر المبتكَرة والمستحدَثة هذه ملاحظات مختلفة، ما يُفضي بدوره إلى اكتشافات جديدة. في الواقع، هذه هي الفكرة المركزية للقصة التي بين يديك: أن تُظهر لرواد الأعمال وجود منظورات متعددة ووجهات نظر متنوعة في ما يتعلق بأنشطتهم وتفاعلهم مع البيئة. ويمكّنهم هذا الفهم من إيجاد حلول جديدة وخلاقة.
رؤية الشيء من جميع الجوانب دفعة واحدة
من الضروري النظر بمنظور مشابه في عالم ريادة الأعمال
المنطق
التحليل
الخبرة
الخيال
ألبرت أينشتاين
عالم فيزياء بارز، حائز على جائزة نوبل، أب النظرية النسبية (1879-1955)
الخيال أكثر أهمية من المعرفة. فالمعرفة محدودة، في حين أن الخيال يحتضن العالم بأسره ويحفّز التقدم ويولّد التطور
بابلو بيكاسو
فنان لامع
(1887-1973)
شابات أفينيون
برأيي، البحث لا يعني شيئًا في الرسم. العثور هو المهم.
حول أهمية تعدد وجهات النظر
الفن وريادة الأعمال
جميع المشاهد وثيقة الترابط، ما يجعل من الصعب التمييز بينها في الكثير من الأحيان، ﻷنها في نهاية المطاف زوايا مختلفة من الموضوع نفسه (ريادة الأعمال)، لكنها ببساطة من وجهات نظر مختلفة. وبالمِثل، في العالم الحقيقي لريادة الأعمال، غالبًا ما تتشابك كل هذه الأفكار والاعتبارات والتصورات والمشاعر حول الأعمال وكأنها شبكة صيد معقدة ومتشعبة، ما يخلق شتى أنواع الخصائص والخصوصيات في ذهنيات الأسماك الذهبية، أي بعبارة أقل مجازيةً في طرق نظر رواد الأعمال إلى العالم. ولكن في الوقت نفسه، يركّز كل مشهد على "مشهديّة" واحدة محددة من عقلية ريادة الأعمال، بهدف إعطاء القارئ-المُشاهد القدرة على النظر في بانوراما "النظرة العالمية لريادة الأعمال" من وجهات نظر مختلفة وأحيانًا مثيرة للدهشة الشديدة.
الجزء الثالث: معرض صُوَر غوشيو للعوالم الريادية
لا يمكنك أن تتخيل، يا عزيزي القارئ، كم أنا سعيد بأن أرحّب بك من كل قلبي، نيابة عن غوشيو، وأسدل الستارة عن معرضنا العجيب "المَشاهِد المُبينة." عسى أن تكتشف، كما تقول العبارة الشهيرة المنسوبة إلى الفيلسوف الفرنسي العظيم دينيس ديديرو، "المذهل في المألوف والمألوف في المذهل."
لوحات المشاهد هي الجواهر الفنية لمعرضنا، في حين أن كل واقع جديد أو مختلف هو ما يدور حوله الفن (وفن ريادة الأعمال). إنهما وجهتا نظر، طريقتان للوصف... والآن حقًّا، دونما أي إبطاء إضافي، دعونا نغوص في عالم معرض الصُوَر...
عملاً بنصيحته، كنت أسعى جاهدًا للعثور على منظوري ووجهة نظري الخاصة حول ريادة الأعمال. وأنا على يقين من أنني نجحت إلى حدٍّ بعيد، ولكن البحث لم ينتهِ بعد. وأعتقد أنه من المهم والمفيد مشاركة ما عثرت عليه مع القارئ ورجل الأعمال. في هذا الكتاب، سوف تُعرَض كل وجهة نظر على أنها لوحة تصوِّر فكرة معينة لاحظتُها أو درسًا تعلّمته بنفسي. بوسعنا أن نطلق على ذلك تسميات عديدة ومنها "الملاحَظة" (أي الشيء الذي نلاحظه) أو الدرس أو العبرة، إلخ. و لماذا ألجأ إلى الوعظ طالما أنني قادر على دعوتك للنظر والتحقق بنفسك ؟ ولذلك، أفضّل تسمية ذلك "اللوحة المشهد،" أو ببساطة "المشهد." وجميع هذه المشاهد مجتمعةً تعطي القارئ (أو المُشاهِد ؟) وجهات نظر فريدة حول أنشطته. تكشف فسيفساء هذه المَشاهد للقارئ-المُشاهِد بانوراما بـ 360 درجة عن أنشطته الخاصة، وذلك من جوانب مختلفة ووجهات نظر متنوعة، بما يشبه عمل الفنان التكعيبي إلى حد بعيد. على سبيل القياس، يمكننا أن نتخيل أن القارئ يزور معرضًا افتراضيًا. في هذا المعرض الخيالي، وربما الواقعي للغاية، يمكن للمرء أن يجد كمًّا هائلاً من اللوحات المَشاهد هذه – وهو مصطلح أستخدمه لوصف الظروف والحقائق والعوامل المختلفة التي تؤثر على الحوض المائي ككل، بالإضافة إلى كل نتيجة معينة تسعى أي سمكة ذهبية (رائد الأعمال) إلى تحقيقها.
إن كنت لم تغامر بعد في عبور الممر المفضي إلى معرض صوَر العوالم الريادية (بمعنى آخر، إن لم تقرأ الكلمة الانتقالية) أو حتى إذا كنتَ قد فعلتَ ذلك، دعني أقول لك ما يلي... بعد تحليل الاستراتيجيّات المحتملة المتاحة أمام سمكتنا الذهبيّة السحريّة، قرّرت أن أشاركك عشر مشاهد مهمّة ستحدّد، في رأيي، مصير سمكتنا الذهبيّة وسعادتها المستقبليّة إلى حد بعيد.
1.
2.
3.
4.
5.
6.
7.
8.
9.
10.
الملاحظات
والاستنتاجات
حول سلوك السمكة الذهبية غوشيو

لوحات المشاهد
3600
نظرة بانورامية على عالم ريادة الأعمال
جميع اللوحات مترابطة
#1
#2
#3
#4
#5
#6
#7
#8
#9
#10
دينيس ديديرو
مؤلف وفيلسوف ومربٍّ (1713-1784)
اكتشاف المذهل في المألوف والمألوف في المذهل...
العوالم الريادية
معرض صُوَر
لوحة من معرض
العوالم الريادية
لوحة-مشهد
لكن ثمّة شيء واحد فقط أسوأ من هذه الحقيقة، وهو أنّ هذه الثقة تتضخم في كثير من الأحيان فتستحيل غرورًا ثمّ تنتفخ فتصير غباء. وكما يقول المثل في ثقافتي: "تُرى أيّ من الاثنين هو الأسوأ: تعليم المغفّلين أو علاج المائتين...؟" أو كما قال العرب: "الضرب في الميت حرام."
لتقريب الفكرة، دعونا نفكّر في لوحة ضخمة، ومن ثمَّ في جزء صغير من هذا العمل الفنّي. يستطيع المُشاهد رؤية هذا الجزء الضئيل جدًّا من اللوحة فحسب، إلّا أنّه واثق تمامًا من فهم الصورة الكاملة، على الرغم من حقيقة أنّ اللوحة بأكملها أكبر بآلاف المرّات من القسم الذي يتأمّله.
على غرار غوشيو، لا يهتمّ معظم الناس بالكوكب الفسيح، أي بالبيئة المحيطة بهم (وكلّ ما هو "ما وراء الحوض المائي"). إنّ إغفال هذا الواقع يمتدّ أيضًا إلى عدم إدراك وجود بيئة محيطة بنا في الأساس. ومع ذلك، فإن هذه البيئة، هذا العالم، موجود سواء أخذناه في عين الاعتبار أم لا.
المشهد الأول:
بيئتك مهمة
ما الذي يحيط بنا؟
الحوض المائي ليس سوى
عنصر صغير
في اللوحة الكاملة
الكوكب الفسيح
بيئتك مهمة
الثقة
الغرور
الضرب في الميت حرام
وعلى غرار سمكتنا الذهبيّة في بيئتها المائيّة، لا وجودَ لروّاد الأعمال أو لمنتجاتهم في "الفراغ،" منفصلين عن المستهلكين، في عالم خاصّ بهم بعيدين عن بيئتهم. كلا، فهم موجودون دائمًا في سياق محدّد جدًّا من التفاعل مع المستهلكين.
عندما تنظر غوشيو إلى بيئتها من داخل الحوض المائي، تفترض أنّ الحياة "هناك،" "في البحر،" مشابهة تمامًا لتلك الحياة في مياه حوضها المائي. وفي الحقيقة، إنَّ اللغة والأعراف وعادات الأسماك الأخرى وسلوكها (مواطني هذا الكوكب الفسيح) وكلّ ما شاكلها تبدو مشابهة جدًّا، بل مطابقة تقريبًا للعالم الذي تعرفه غوشيو. وبالتالي، تتوصّل غوشيو إلى نتيجة "معقولة جدًّا" وهي أن هذا العالم العظيم على الكوكب الفسيح هو ببساطة نسخة مكَبَّرة عن عالمها داخل الحوض المائي. لكن لسوء الحظّ، تجهل سمكتنا الذهبيّة الصغيرة هذه الحقيقة البسيطة، حقيقة أنّ الحياة خارج الحوض المائي تختلف عن الحياة داخل جدرانه أيّما اختلاف.
المشهد الثاني: القوانين ليست مطلقة
وهنا نستذكر كلام عالم الأنثروبولوجيا الأميركي رالف لينتون في قوله الحكيم: "إنّ آخر ما قد تلاحظه الأسماك على الإطلاق هو الماء."
التوقّعات
الخارج ليس مماثلاً لما هو داخل الحوض المائي خاصتي
الواقع
العالم متنوع
القوانين ليست مطلقة
الماء
السمكة الذهبية
سكان الماء الآخرون
المنتَج
سياق التفاعل
المستهلكون
رائد الأعمال/المنتَج والمستهلك
مترابطون ضمن سياق التفاعل
رالف لينتون
عالم أنثروبرولوجيا أمريكي
(1893-1953)
إنّ آخر ما قد تلاحظه الأسماك على الإطلاق هو الماء
أمّا وجهة النظر الثانية فهي أكثر عمليّة إلى حدّ كبير. ذلك أنّها وجهة نظر بانوراميّة، تغطّي زاوية واسعة من "المشهد،" وتتيح للمُشاهد رؤية التفاعل بين المشكلة والبيئة والذات والعلاقة المتبادلة في ما بينها. ولكنّ المهمّ في هذه النظرة من ما وراء الحوض المائي هو أنّها تتيح لسمكتنا الذهبيّة "الاتصال" ببيئتها. ففي النهاية، ما علينا سوى أن نستذكر قول الشاعر: "أنا الغريق فما خوفي من البلل." أي أنه لا يمكنك أن تكون في الماء بدون أن تتبلّل، أليس كذلك؟
وتُعدّ وجهة النظر الأولى (التي تقوم على مراقبة المشكلة من المنطقة نفسها التي توجد فيها المشكلة) الموقف الأكثر وهْنًا ومن المستحيل عمليًّا أن نرى "طريقًا إلى النصر" من وجهة النظر هذه. فالمساحة ضيّقة جدًّا، الأمر الذي يمنع سمكتنا الذهبيّة من "رؤية" حلّ فعّال. ويمكننا القول إنّ "مجال الرؤية" الموجّه صوب المشكلة ضيّق جدًّا وغير كافٍ لصنع القرار (وبالطبع أقصد بمجال الرؤية البانوراما أو مدى ما نراه). ولا يمكن للمرء أن يبصر النصر ما لم ينظر إليه بكلّ ما يمثّله من حجم وضخامة تفضّل وحاول فحص جسم كبير (مثل زجاجة ماء) يقع تمامًا عند أنفك (حرفيًّا)، أي على بعد بضعة سنتمترات فقط من عينيك. ذلك صعب بعض الشيء، أليس كذلك ؟ حتّى لو نجح المرء في إيجاد حلّ للمشكلة من داخل المنطقة التي توجد فيها المشكلة، قد تكون النتيجة شبيهة بالقول الشهير: "يمكن أن تربح المعركة وتخسر الحرب."
يمكن للمرء تقييم الأشياء من منطلقات عدّة ومختلفة (سأشير إلى هذا أيضًا بعبارة نظرة، أو وجهة نظر). وتعتمد معرفتنا أو إدراكنا دائمًا على وجهة النظر المختارة. أي أنّه غالبًا ما يشاهد شخصان الشيء نفسه ومع ذلك يفسّرناه بطرق متباعدة بُعدَ الثرى عن الثريا. عندما تواجه سمكتنا الذهبيّة مشكلة في منطقة معيّنة، يمكنها رؤية هذه المشكلة من منطلقين مختلفَين تمامًا. يتمثّل المنطلق الأول بالنظر إلى المشكلة من داخل الحوض المائي، بينما المنطلق الثاني هو من خارج الحوض المائي وعلى مسافة منه.
يبدو الأمر مثيرًا للفضول، أليس كذلك؟ تدرك غوشيو أن "الماء ينساب من حولها زلال." ومع ذلك، قد لا تكون قادرة تمامًا وفعليًّا على رؤية محيطها، حتى ذاك الأقرب إليها. يقودنا هذا مباشرة إلى مشهدنا التالي والثالث. المشهد الثالث: فتّش عن الحل من حيث يمكنك رؤيته
اختيار وجهة النظر الصحيحة
النظر من الداخل
(زاوية ضيقة)
النظر من الخارج
(زاوية واسعة)
منطة الحلول الممكنة
المشكلة
لا يمكنك أن ترى الحل من داخل المنطقة عينها التي توجد فيها المشكلة
حول اختيار وجهة النظر الصحيحة
إلى المشكلة

فتّش عن الحل من حيث يمكنك رؤيته
كيف ننظر إلى المشكلة؟
والآن، عودٌ على بدء. إذا قام المرء بفحص هذه التفاعلات بين المشكلة والبيئة والمُشاهِد نفسه وتحليلها من وجهة نظر تنطلق من خارج المنطقة التي توجد فيها المشكلة، عندئذ من الممكن اكتشاف حلّ فعّال بسرعة أكبر. قد تعني النتيجة المحتملة لهذا النوع من النظرة البانوراميّة للمشكلة حلًّا جديدًا جذريًّا أو حتّى نموذج عمل جديد. على سبيل المثال، قد يعني هذا الحلّ الجذري الجديد تحويلاً "سحريًّا" لما يعتبره معظم الناس نفقات إلى مصدر دخل من الطراز الرفيع.
والآن، هيا اسأل غوشيو عمّا إذا كانت تحبّ "سفينتها الماخرة." ستحدّق بك تلك السيّدة الشابّة بحدقتَين متّسعتين من شدة الحيرة. ربّما تعرف ما يكفي من علوم اللغة لتفهم أنّنا ندعو منزلها "سفينة بحريّة" أو ما شابه، لكنّها بالتأكيد ستتساءل: "أرضي أنا ؟ سفينة ؟ مستحيل !" ولكن قبل أن تتلفظ بعبارة "الكويكب المحيط،" ستزيّن وجهها الملكي ابتسامة فخورة وناعمة. وبالتالي، فإنّ الاختلاف في وجهات النظر يمكن أن يشكل فرقًا عظيمًا. بالنسبة إلى البعض هو الكويكب المحيط، وبالنسبة إلى البعض الآخر هو السفينة الماخرة. ربّما يمكنك التفكير في أمثلة من عندك عن مواقف يصف فيها الناس "الشيء نفسه" بأسماء مختلفة، بحسب وجهة النظر المعتمدة.
وكما خمّنتم، "الكويكب المحيط" هو مملكة غوشيو، ولكن من الضروري أن ندرك أنّ هذا هو الاسم الذي تطلقه غوشيو وحاشيتها المقرّبة على هذه المملكة. فمن وجهة نظر غوشيو داخل الحوض المائي، إنّ مملكتها هي عالم مائي واسع وشاسع، والأهمّ من ذلك أنّه عالم مستقرّ لا يتزعزع. حسنًا، هذا صحيح نوعًا ما – فالكويكب المحيط دولة جميلة توفّر فرصًا عديدة لغوشيو وأصدقائها، ولكن... أنت وأنا نعلم جيّدًا أنّ حالة الكويكب المحيط ليست مستقرّة أو غير متزعزعة بالكامل في حال كان يعبر بحرًا ناشطًا. ففي النهاية، للبيئة تأثير كبير عليه. وهكذا، عندما لاحظ البحّارة والمستكشفون وجود هذا العالم المائي المتحرّك العائم من مناظيرهم وغواصّاتهم وبالونات الهواء الساخن، "عمّدوه" باسمٍ نبيلٍ ألا وهو "السفينة الماخرة." ولربّما كان بعضهم على علم بتسمية "الكويكب المحيط" ولكنّهم قلّة قليلة من النوابغ والمتبحّرين في العلوم. فعموم أهل الكوكب الفسيح لا يعرفون سوى القليل عن "الكويكب المحيط،" ولكن قلة منهم لم تسمع عن السفينة الماخرة المتهادية التي لا تقلّ أسطوريّة عن فرس عنترة. يسمّيها البعض "السفينة الماخرة السائحة" وآخرون (أقلّ تعاطفًا) يطلقون عليها اسم "السفينة الماخرة الشاردة." وثمّة من يتغنّون بها بتسميتها "مَلِكة البحار" في حين تشير إليها مدرسة فكريّة أخرى بمسمّى "غريبة الليل." مهما كانت التسمية، تبقى السفينة الماخرة بالتأكيد ظاهرة لا بد ّمن أخذها في الحسبان.
هذا الاختلاف في وجهات النظر يظهر جليًّا في القصّة البوذيّة التي تحكي عن فيل وأربعة رجال مكفوفين يحاولون فهم الفيل من خلال تلمّس أجزاء مختلفة منه كالناب والذيل والساق والجوانب. وكلّ منهم يتصوّر نسخة مختلفة عمّا هو الفيل حقًّا. في الواقع، هذا المثل غاية في الحكمة. إلّا أنّنا نجد في قصتنا مثالًا أكثر ملاءمةً يتعلّق بــ "الكويكب المحيط" عينه...
المشكلة
وجهة النظر البانورامية للمشكلة
الحل 1
الحل 2
الحل 3
الحل 4
قصة الرجال المكفوفين والفيل
وجهة النظر من داخل الحوض المائي
وجهة النظر من البر
الأسماء والفهم
يمكن للشيء عينه أن يحمل أسماء مختلفة في أماكن أو ظروف متنوعة
كيف تحب "سفينتك الماخرة" الشاردة ؟
أرضي أنا ؟ سفينة ؟ مستحيل !
بحار الترجمة العاتية
يُستمدّ المشهد الرابع من المشهد السابق ومفاده أنّه من أجل تجنّب وقوع المرء تحت تأثير بيئته بشكل كامل والحدّ من الاعتماد التامّ عليها وبلوغ سنّ الرشد، إذا صحّ التعبير، تحتاج غوشيو إلى توسيع جدران حوضها المائي الضيّق وإفساح المجال لتستوعب قسمًا ممّا يُعرَف بالبيئة حواليها.
ولكن فقط عندما قام علاء الدين بإنشاء الرابط (نعم، الرابط المادي عبر فرك المصباح، ولكن الأهم من ذلك – الرابط الشخصي مع الجني) تفاعلت العلاقة الثنائية ما بين السبب والنتيجة. أصبح علاء الدين سببًا، فأمر الجني وتحققت أمنياته، بينما كان الجني نتيجةً إلى حد ما (كان عليه أن يطيع). لكن الملفت هو أن الجني أصبح بدوره سببًا – بدلاً من أن يقبع محبوسًا في مصباح، أصبح الآن قادرًا على تحقيق الأشياء وخدمة هدف ما من خلال تلبية رغبات علاء الدين. ومن جهة أخرى، أصبح علاء الدين بدوره نتيجة – إذ بات يجني ثمار أمنياته التي راح يحققها الجني وأضحى يعوّل عليه ضمن ذلك الإطار. فحتى لحظة تأسيس هذا الثنائي ما بين السبب والنتيجة، كان كل من علاء الدين والجني نتيجة: عاش الشاب فقيرًا دون قصر أو عروس. – والجني ؟ حسنًا، لقد كان مسجونًا في المصباح. فُرِك المصباح فنشأ رابط وتولّد عن ذلك تفاعل الثنائي السبب والنتيجة.
يستند هذا المشهد إلى مبدأ فلسفي عريق يمكن اختصاره على النحو التالي: إنّ التفاعل ما بين السبب والنتيجة يحصل فقط عند وجود رابط بينهما في غياب هذا الرابط، لا وجود "للثنائي" السبب والنتيجة. وبالتالي، إنّ الرابط (الاتحاد، أو الاتصال، أو الاقتران، وما إلى ذلك) هو الذي يولّد العلاقة ما بين السبب والنتيجة.
وهذا هو الخطأ الرئيسي الذي قد يرتكبه رائد الأعمال، أي تطوير المنتج أو شبكة العملاء من دون بناء جسر دائم يكون عبارة عن رابط فعّال وموثوق بين رائد الأعمال والعملاء. وهكذا، يقوم مبدأ ريادة الأعمال على إنشاء مثل هذه الروابط بين رائد الأعمال والعميل أكثر منه على المنتج أو العميل بشكل منفصل.
المشهد الرابع: السبب والنتيجة والرابط بينهما
بإمكاننا أيضًا شرح فكرة "الرابط" بسهولة عبر استخدام مثال القطْر. تُستخدم في عالم السيّارات قاطرات (السبب) لسحب المقطورات، وشبه المقطورات، والمقطورات المسطّحة (النتيجة). إذا لم يكن هذا الاتحاد موجودًا، لن يكون لدينا سوى سبب ونتيجة محتملَين. وقبل وصل أقوى قاطرة في العالم بالمقطورة، لن تكون هذه القاطرة أكثر من سبب محتمل. أمّا ما يجعلها سببًا حقيقيًّا وواقعيًّا فهو ارتباطها بالمقطورة.
من الضروري توسيع جدران الحوض المائي
حول أهمية الرابط
هو الصلة التي تولّد العلاقة ما بين السبب والنتيجة
حول أهمية الرابط
السبب
النتيجة
سبب محتمل
نتيجة محتملة
الرابط
المنتَج
المستهلكون
الرابط المفقود
خطأ شائع لدى رواد الأعمال
السبب، النتيجة والرابط
أصبح علاء الدين سببًا، فأمر الجني وتحققت أمنياته، بينما كان الجني نتيجةً إلى حد ما (كان عليه أن يطيع). لكن الملفت هو أن الجني أصبح بدوره سببًا – بدلاً من أن يقبع محبوسًا في مصباح، أصبح الآن قادرًا على تحقيق الأشياء وخدمة هدف ما من خلال تلبية رغبات علاء الدين. ومن جهة أخرى، أصبح علاء الدين بدوره نتيجة – إذ بات يجني ثمار أمنياته التي راح يحققها الجني وأضحى يعوّل عليه ضمن ذلك الإطار.
كلّ شيء يخلو من الرابط
يصبح مجرّد نتيجة
المشهد الخامس: توسيع الأماكن بتوسيع المدارك
عندما توسّع غوشيو جدران حوضها المائي، وتوسّع بذلك المساحة داخله، إنّما تكتسب أيضًا المزيد من السيطرة على البيئة الخارجيّة لسبب بسيط للغاية هو أنّها تمكّنت من "ضمّ" جزء من البيئة لتلبية احتياجاتها داخل هذا الحوض. فضلأ عن ذلك، يسمح لها هذا الوضع الجديد بتوسيع مجال رؤيتها لما يحيط بها. الآن، لدى بطلتنا زاوية مراقبة أفضل وأوسع يمكنها بفضلها رؤية المزيد من التفاعلات داخل حوضها المائي الموسّع حديثًا.
المزيد من التوسّع = المزيد من السيطرة
منطقة السيطرة
وينبغي القول إن المساحة التي يتحكم بها المرء (في ذهنه أولاً وقبل كل شيء) تحدد موارده. يستفيد اللامعون من الفنانين والعلماء والحكام ورواد الأعمال من الأفكار والموارد من جميع أنحاء العالم. قد تعجبك أو لا تعجبك هوليوود ، لكنها بالتأكيد تجذب المواهب من كل حدب وصوب، من كل زوايا الكوكب. وبطبيعة الحال ، فإن مساحة المرء (ساحة اللعب) هي بالضبط المكان الذي يحدث فيه التفاعل ما بين السبب والنتيجة. العلاقة بين السبب والنتيجة هي مبدأ عام من مبادئ الحياة، ولكن في مجال ريادة الأعمال، يتحول هذا إلى تفاعل بين رائد الأعمال والعميل (حيث يكون كلاهما بالتناوب السبب والنتيجة). وهذه إحدى الطرق التي يرتبط بها هذا الثلاثي من الملاحظات.
وبالحديث عن المساحة، اسمحوا لي أن أتفلسف باختصار لكن عمليًّا وأن أربط الملاحظات الثالثة (وجهات النظر) والرابعة (السبب والنتيجة) والخامسة (المساحة). بادئ ذي بدء، أود توضيح أن وجهات النظر والأماكن يعتمد كل منهما على الآخر. يشاهد البحارة والطيارون مساحات كبيرة ويسيطرون عليها، فتتكون لديهم نتيجة لذلك وجهة نظر مختلفة تمامًا (بكل معنى الكلمة) عن وجهة نظر من يعمل من حجرة مكتبه. كما أن العكس صحيح أيضًا: وجهة نظر المستكشفين العظماء مثل فاسكو دا جاما وكولومبوس وأموندسن تقودهم إلى المغامرة عبر مساحات شاسعة لا حدود لها. ثم إن تعريف المرء لريادة الأعمال هو نوع معين من وجهات النظر: ما مدى اتساع مساحة ريادة الأعمال ؟ يتمتع أصحاب العقول العظيمة مثل ستيف جوبز وإيلون بوجهة نظر معينة، وبالتالي يلعبون على الساحة العالمية (أو حتى الكونية)، فيما قد يكتفي شخص آخر باللعب في زاوية ما. وبعكس ذلك، يمكن لمفاهيم المساحة المختلفة أن تشكل نطاق ريادة الأعمال – كان تجار طريق الحرير العظيم، رغم محدوديتهم التكنولوجية، يعرفون أن ثمة مساحة ما بين أوروبا والشرق، وبالتالي كانت ريادة الأعمال بالنسبة لهم هي التجارة عبر آلاف الأميال. أما البعض الآخر، الذين يعتقدون لأي سبب من الأسباب أن مساحتهم محدودة، فهم يتاجرون ضمن حدود أسوار مدينتهم.
رحلة استكشاف فلسفية
رحلة استكشاف فلسفية
حول المساحة، وجهة النظر وترابطهما
اختيار وجهة نظر فريدة
حول النظام القائم
طرق جديدة
أفكار ومفاهيم جديدة
حول السيطرة على المساحة
— الزبائن
— الموارد
رائد الأعمال
قد تكون لهذه الأسماك الذهبيّة المتنوعة قدرة مختلفة على كسب أجزاء من الكوكب الفسيح والاستيلاء على المساحة التي هي بأمسّ الحاجة إليها، ولكن ثمّة قاعدة واحدة حاسمة تحدّد هذه القدرة وهي تشكل مضمون مشهدنا السادس الذي سأشارككم إياه الآن.
قدرات مختلفة - قاعدة مطلقة واحدة
لنقف متأمّلين: في كلّ مرّة تقترب غوشيو من الحدود "الخطرة" بين العالمَين، أي عالم الكويكب المحيط المحبب إلى قلبها وعالم الكوكب الفسيح العظيم، يعتريها رعبٌ لا اسم له ولا نهاية.
تعتمد القدرة على توسيع جدران الحوض المائي وبالتالي توسيع مجال رؤية المرء، بالإضافة إلى زيادة الحجم الفعلي للحوض المائي، بشكل أساسي على مدى فهم سمكتنا الذهبيّة للعالم (البيئة) خارج تلك الجدران. فالبيئة تؤثّر على الحوض المائي بشكل كبير، كما تملي سرعة الحركة والاتجاه الذي يبحر فيه الكويكب المحيط بالإضافة إلى سكانه السعداء المفعمين بالحياة. لكنّ افتقار الأسماك الذهبيّة إلى المعرفة بالعالم الخارجي سيجعلها تتردّد في الاقتراب من حدود الحوض المائي، وستختار بدلاً من ذلك البقاء في المياه الآمنة، وإن كانت ضيّقة جدًّا، بعيدًا عن التيّارات الكامنة في عالم "ما وراء الحوض المائي" التي لا تعرفها ولمّا تكتشفها بعد.
المشهد السادس: الحريّة أم الراحة؟
توسيع جدران الحوض المائي يتطلب معرفة
بالعالم الخارجي

اليقين
عدم اليقين
لست أدرى ما في الخارج
المجهول
ولكن في خضم سعيها المتعطش إلى الحريّة، ستضطرّ غوشيو إلى أن تصبح مستكشفةً رائدةً تسبر أغوار أسواق الكوكب الفسيح المجهولة وتكتشف أمورًا جديدة عن المناطق الواقعة خارج حدود عالمها المائي، كما ستضطر إلى مقابلة مخلوقات من العالم الخارجي (بل أكثر من ذلك، أن تصادِقهم). وهذا يقودنا إلى المشاهد السابع والثامن والتاسع.
الحرية أم الراحة
دليل المسافر إلى الكوكب الفسيح
وبالحديث عن الطرق المختلفة لرؤية العالم، يمكننا تفسير الفرق في ما بينها من خلال مبدأ فلسفي آخر مهمّ: عندما يختار رائد الأعمال أين يبدأ تسلسل حلّ المشاكل وأين يجد من المناسب له أن ينتهي، إنّما هو يعتمد في ذلك على قناعاته وافتراضاته ليس إلّا. بعبارة أخرى، هو يعتمد على نظرته للعالم لا غير.
إنّ توجيه الانتباه إلى العالم الخارجي والشروع في رحلة الاستكشاف يتطلّب من غوشيو بالدرجة الأولى أن تغيّر رؤيتها للعالم. فقد شكّلت نظرتها الحاليّة للحياة مقاومة معيّنة ضد التغيير وأتاحت لها كسمكة ذهبية أن تحظى بحياة مريحة (وإن تكن محدودة). وهذا ما ينعكس في مرآة حياتها من خلال جميع الأشياء التي اعتادت عليها منذ بداياتها الأولى. هذا الخطأ هو السبب وراء تلك الخدعة الشيطانيّة التي انطلت على سمكتنا الذهبيّة و"خنقتها" داخل الحوض المائي.
المشهد السابع: لا تقاوِم التغيير
تبدّل تام لوجهة النظر
من الضروري تغيير وجهة النظر
إن رؤية المرء للعالم تحدد نقطة البداية لعملية اتخاذ القرارات
القناعات
الافتراضات
طرق رؤية العالم
لا داعٍ لمقاومة التغيير
لنتوسَّعْ في تفسير التشبيه المذكور في المشهد الأول ونفترض أنّ لدينا لوحة حدودها حدود المربّع "ج"، تتضمّن مربّعين أصغر هما "أ" و "ب". دعونا الآن نفترض أنّ المقطع المحدّد بالمربّع "أ" هو الجزء الوحيد من اللوحة الذي يمكننا رؤيته مباشرة، وكل ما سواه (خارج حدود المربّع "أ") هو خارج نطاق إدراكنا. في هذه الحالة، لن نكون قادرين على تحديد أو تصوّر اللوحة التي يوضحها المربّع "ج" بأكمله. ففي النهاية، لا يمكننا أن نرى سوى قسم من المربّع "ج" الذي هو داخل المربّع "أ"، على الرغم من أنّ إحساسًا غامضًا (أو واضحًا جدًا) يلتهمنا من الداخل، مشيرًا إلى وجود شيء ما أبعد من ذلك... بطبيعة الحال، يمكننا أن نحاول تخمين ما قد يحتويه المربّعان "ب" و "ج" انطلاقًا من الجزء المصوَّر في المربّع "أ" فقط. ولكن، في تلك الحالة، لن يكون ما نخمّنه سوى مجرّد احتمال. ونحن ندرك ذلك. ونشعر بجهلنا و بـ"العمى" الذي يصيبنا وبِحَيرَتنا، وبالتالي بخوفنا... هذه الظاهرة هو السبب الرئيسي للحيرة في حياتنا. فنحن مضطرّون إلى تمييز "لوحة الحياة" بأكملها من خلال جزء صغير فقط يمكننا ملاحظته وإدراكه وفهمه بشكل مباشر. وهذا يقودنا إلى المشهد التالي، رقم تسعة.
المشهد الثامن: الخوف من المجهول على غوشيو، إذا ما أرادت أن تكون ملحمتها خارج الحوض المائي مثمرة، أن تتغلّب على خوفها من المجهول، هذا الخوف الذي ينبع دائمًا من التعقيد والحيرة، أو بعبارة أخرى، هذا العارض الذي ينتج عن عدم فهم البيئة. فالخوف والجهل (قلّة المعرفة) ظاهرتان مترابطتان.
أ
ب
ج
مدى الصورة الملحوظة
الصورة الكاملة
مخيف للغاية
ليس مخيفًا
لا شيء معلوم
كل شيء معلوم
الخوف والجهل
هما ظاهرتان مترابطتان
عندما نلاحظ جزءًا فقط من الصورة الشاملة (مثل الدائرة "أ" في الرسم التوضيحي)، قد ننظر إلى هذا الجزء كما لو كان الصورة بأكملها (الدائرة "ب") ثم نضع اللمسات المتبقيّة من نسج خيالنا. وهذا يقودنا إلى تصوّر نسخة نهائيّة من الشيء، وهي نسخة واضحة ومنطقيّة بالنسبة إلينا (الدائرة "ج"). لكنّ الكائن الحقيقي (الزرافة) ونظيره الذي تخيّلناه بذكائنا الخارق من خلال مشاهدة جزء فقط من الزرافة هما شيئان مختلفان تمامًا.
المشهد التاسع: الجزء أم الكل ؟
من خلال مقارنة ذلك بمجال ريادة الأعمال، يمكننا استكمال مثالنا وتبيان خطأ يحصل في اختيار الجمهور المستهدف. دعنا نقول أنّ لدى رائد الأعمال منتج هو عبارة عن غطاء للأسنان مصنوع من مادة مرنة ومتينة. في طبّ الأسنان، يُعرف هذا المنتج باسم "المقوِّم". وقد قام رائد الأعمال بتطوير هذه المقوّمات القياسيّة وتصنيعها وإنتاجها وتوزيعها بكميات ضخمة في السوق. ومع ذلك، فهي لم تلقَ رواجًا في السوق لسبب ما. لماذا ؟ - سؤال صائب. في المثال المذكور، الجمهور المستهدف فعليًّا في السوق هو الزرافات، ولا وجود للتماسيح. ومع ذلك، كان رائد الأعمال على يقين تام من أنّه لم يرَ سوى التماسيح في السوق (بالنسبة إليه، لم يكن هناك زرافات!)، وبالتالي تمّ تطوير منتج يناسب أسنان التماسيح. ولكن للأسف، تختلف بنية الفكّ لدى الزرافات إلى حدّ ما عن تلك التي لدى التماسيح، وبالتالي فإنّ مقوّم أسنان التماسيح لا يناسب الزرافات. لكنّ الأسوأ من ذلك هو أنّ الزرافات لديها أسنان أماميّة فقط في الفكّ السفلي، لا الفكّ العلوي! كلّ ما لديها في حلقها هو وسادة سنّيّة ثابتة. تستخدم الزرافة أسنانها السفليّة لتضغط بالأغصان والفروع على هذه الوسادة العلوية وتعضّ الأغصان بإحكام، ثم تسحب غداءها عن الأشجار والأجمات. ولكن الآن، يا للويل، تجد الزرافة نفسها في مأزق إذ لا تعيقها "أسنانها الإضافية" جراء مقوّم أسنان التماسيح عن عضّ الأغصان فحسب، بل تحول دون إغلاق فمها أيضًا. والزرافات، ببساطة، لا تستطيع المشي لفترة طويلة مفتوحة الفاه. عمومًا، لم تنلْ هذه الآلة إعجاب الزرافات وتوقفت عن شرائها. وهذا بالتحديد ما جرى. للوهلة الأولى، قد يعتقد قارئي أنّني بالغت في هذا المثال. وأنا أوافقه الرأي. ولكن إذا نظرتَ حولك عن كثب، أنا متأكّد تمامًا من أنك ستجد الكثير من الأمثلة "الحيّة والنابضة" لأخطاء مماثلة.
إنّ محاولة فهم الكل انطلاقًا من أحد أجزائه قد يؤدي إلى وقوع أخطاء
أ
ب
ج
الجمهور المستهدَف: أهمية إصابة الهدف
الجمهور المستهدَف المفترَض
المنتَج
مناسب
غير مناسب
الجمهور المستهدَف الفعلي
الجزء أم الكل ؟
أنا لست تمساحًا !
???
يمكن "احتساب" حدود الحوض المائي الحالية باستخدام أربع خطوات سحرية للغاية. قبل أن أباشر بتعدادها، من العدل أن أفسّر لماذا سترغب في احتساب حدود "الكويكب المحيط" الخاص بك. ثمة العديد من الأسباب، إنما نقطة واحدة تتبادر إلى الذهن: إذا كنت تعرف أين ينتهي "الكويكب المحيط" الخاص بك وأين يبدأ "كوكبك الفسيح"، فأنت ستعرف أيضًا من هو الزميل أو الصديق، ومن هو المنافس أو العدو – أو ببساطة من ليس جزءًا من فريقك. ستعرف بالضبط لمن ولاؤك وعلى أي أساس يجب أن تبني قراراتك. هذا لا يعني أننا نتمنى السوء أو ننوي شن حرب فعلية ضد الكوكب الفسيح – كلا، إنّ ما يهمنا هو بانوراما واسعة وسيناريو مربح للجانبين، ولكن لن يضرك أن تعرف حدود ملعبك وبالتالي أين يقع مرماك ومن هم زملائك في الفريق، أليس كذلك ؟ يساعدنا هذا على تجنب الأخطاء مثل التسجيل في مرمانا أو مهاجمة زملائنا في الفريق – وهو خطأ، للأسف، يتم ارتكابه في الكثير من الأحيان في الحياة.
يمكن أن يُسمَّى مشهدنا العاشر والأخير سرّ النجاح. يدور هذا المشهد حول مساعدة سمكتنا الذهبيّة الجميلة على تعلّم القيام بشيئين: تحديد الأبعاد المناسبة لحوضها المائي وفهم المبادئ الأساسيّة للطريقة التي تعمل بها بيئتها. ولننتقلْ الآن إلى المشهد الأخير. المشهد العاشر: تقييم عالمك (أو "تعويذة" غوشيو السحريّة)
a
b
X
R
Y
تقييم البيئة
الخطوة الأولى: تحديد المشاكل التي تستحق بأن تكون محط دراسة
الخطوة الثانية: تحديد المقاربات المناسبة لتحليل هذه المشاكل
الخطوة الثالثة: إيجاد تفسيرات مقنعة لوجود هذه المشاكل
الخطوة الرابعة: انتقاء الطرق الفضلى لحلّ المشاكل المختارة حلاًّ ناجعًا
الفروقات ما بين الأحواض المائية
والآن بعد أن قمتُ بتبرير السبب وراء ذلك، دعونا ننظر في كيفية القيام بذلك. تقوم الخطوة الأولى على تحديد المشاكل التي ترى السمكة الذهبية أنّها تستحقّ الدراسة في حياتها وأنشطتها الحالية.
أمّا الخطوة الثانية فتتمثل في تحديد المقاربات المناسبة لتحليل هذه المشاكل.
وفي الخطوة الثالثة، على السمكة الذهبية أن تجد تفسيرات مقنعة لوجود هذه المشاكل، مقنعة للسمكة الذهبية نفسها بالدرجة الأولى. (وللمفارقة فإن أي تفسير يجلب بعضًا من الراحة ولكن التفسير الصحيح وحده هو الذي يساعدها فعليًّا).
وأخيرًا، الخطوة الرابعة هي انتقاء الطرق الفضلى لحلّ المشاكل المختارة حلاًّ ناجعًا.
خلاصة ذلك أنّ كلّ "حوض مائي" مختلف عن غيره ومن شأنه أن يجعلنا نصوغ المشاكل ونحلّلها بطرق متمايزة ونفسّر وجودها بشكل مختلف ونقدّم الحلول لها بأساليب متباينة. وهكذا، نرى أنّ أوجه التشابه والاختلاف بين "الأحواض المائية" يتمّ تحديدها على وجه الخصوص من خلال هذه المعايير الرئيسية الأربعة.
لماذا
نضع حدودًا؟
وهذا هو سرّ النجاح البسيط... لكن سيأتيك سرد أكثر تفصيلًا لهذا السرّ في قصّة مستقبليّة، يا عزيزي القارئ.
أربع خطوات
تحديد المشاكل التي تستحق أن تكون محط درس في حياة المرء ونشاطاته الحالية
تحديد المقاربات المناسبة لتحليل هذه المشاكل
إيجاد تفسيرات مقنعة لوجود هذه المشاكل
انتقاء الطرق الفضلى لحلّ المشاكل المختارة حلاًّ ناجعًا
وإذا كنّا نعجز عن المقارنة والتمييز، فكيف لنا إذًا أن نسلّط الضوء على سبب بقاء إحدى الأسماك الذهبيّة حيّة في حوضها المائي فيما تموت الأسماك الذهبيّة الأخرى في الأحواض المائية المجاورة؟ وهذا هو بالضبط السبب الذي يجعل القدرة على التمييز الضالة المنشودة للفن، فن ريادة الأعمال والعلاقات البشرية، بل حتى فن الحياة نفسها.
يمكننا اعتبار هذا المشهد بمثابة مشهدنا النهائيّ والإضافي الذي زدناه بدون أي تخطيط مسبق... في الحياة الواقعيّة، تتداخل القدرة على المقارنة بالقدرة على التمييز. وهذه الأخيرة هي حجر الزاوية لأيّ نشاط بشري مُدرِك وواعٍ. وهي أيضًا الأساس لسلامة العقل. ستوافق، على ما أعتقد، يا عزيزي القارئ على أنّه إذا عجز الشخص عن التمييز بين فرشاة الأسنان ومعجون الأسنان أو بين سيّارة الأجرة وسيّارة الشرطة، وإذا بدأ في الخلط بين الكراسي والمراسي وبين الحابل والنابل، أو إذا لم يتمكّن المشاهِد من التمييز، ولو بشكل طفيف ولكن حيوي، بين أشياء مثل الكرسي البسيط والكرسي بذراعين أو اللون اللازوردي واللون الأزرق، فإنّ نهايته تنذر سوءًا.
مشهد إضافي: تعلَّمْ التمييز
القدرة على المقارنة والتمييز
تعلَّم التمييز
أسماك نافقة
المعلومة أ
المعلومة ب
المزيد
أقل
حصى
أسماك حية
ماء مع أكسجين
حاوية
حصى
حاوية
ماء بدون أكسجين
أسماك حية
أسماك حيّة
خيارات التفاعل
من المفيد دراسة الأحواض المائية
عبر أجزائها وعبر التفاعل
الصورة المُلاحَظة
تحديد الفروق
المقارنة
الكلمة الختامية
عزيزي القارئ، شكرًا لك على الوقت الذي خصّصته للتعرّف إلى السمكة الذهبيّة غوشيو.
في قصتي هذه، استخدمت كلمة "مشهد" لوصف فكرة أو حقيقة أو ظرف معيّن يؤثّر على الوضع في الكويكب المحيط بكلّ ما فيه أو على كل ما تريد غوشيو تحقيقه من نتائج.
إنّ هذه اللوحات المَشاهد جميعها مترابطة ترابطًا وثيقًا، وغالبًا ما يكون رسم حدود واضحة بينها أمرًا مستحيلاً. فهي عادة متشابكة ومتداخلة في كتلة واحدة متحابكة ومعقّدة من الأفكار والآراء والتصوّرات ونتيجتها الوصول إلى متاهة حقيقيّة، متاهة قد تلتقي فيها غوشيو بمخلوقات أشدّ فظاعة من الغول. ومهما كانت شُجاعة، فالشجاعة قد لا تكفي...
بالعودة إلى العالم الحقيقي لريادة الأعمال، اسمحوا لي أن أذكر أن هذا التشابك في الأفكار والآراء والتصوّرات حول الأعمال التجاريّة يمتزج في جميع أنواع نماذج التفكير لدى الأسماك الذهبيّة، أي لدى روّاد الأعمال.
ومع ذلك، فإنّ كلّ واحد من تلك المشاهد يركّز على جانب محدّد من هذا التفكير، بهدف مساعدة القارئ على فحص عمليّات التفكير هذه من أوجه مختلفة تمامًا، وفي بعض الأحيان، من الأوجه الأكثر إثارة للدهشة.
عزيزي القارئ... للأسف، لا بد للأساطير والقصص الخياليّة (حتى تلك الرياديّة منها) من أن تنتهي، وبالتالي فقد حان وقت الوداع، أو لنقُلْ إلى اللقاء!
وأنا على يقين من أنّنا سنجتمع مرّة أخرى في القريب العاجل على موجات السوق العاتية العاصفة في الكوكب الفسيح، حيث سنلتقي ونبحر بعيدًا عن تيّارات الحوض المائي الدافئة والمريحة في ذلك العالم القديم المألوف الذي يختفي بسرعة في دوّامة العدم المفترسة.
وكما تنتهي القصص الخيالية عادةً، أقول لكم: هذه حكايتي حكيتها وفي عبّكم خبأتها!
مع محبّتي،
ياروسلاف كابلانس